قضية الرمز الشعري واحدة من الإنجازات المهمة في القصيدة الحديثة عموما ، ولقد بلغت من المكانة الفائقة الحد الذي قال عنه الشاعر : ” إن الرمز والأسطورة والقناع هي اقانيم القصيدة الحديثة ، وبدونهم تجوع وتعرى وتتحول إلى مشروع أو هيكل عظمي لجثة ميتة “( ) ، فالرمز من الوسائل الفنية المهمة في الشعر العربي منذ القدم ، إلا انه في القصيدة الحديثة تجاوز ذلك عبر جملة من التحولات التي أسهمت في اغناء الرمز دلالة وإيحاء بوصفه ” وليد رؤيا شفافة حدسية تضيء النص بلمعات خاطفة خلف الدلالات التي تتموضع في التجربة الشاعرة المنطوية على نفسها وراء تقنيات الرمز والتشفير “( ) .
وهو ليس وسيلة فنية حسب ، بل هو منهل خصب من مناهل التجربة الشعرية وأداة للتعبير عن حالات نفسية ، اذ هو ظاهرة فنية تستثمر المنجزات الثقافية الإنسانية تتأملها بعمق ؛ لتعيد إنتاجها من جديد بوساطة النشاط الروحي الخلاق ؛ لتركّبَ من الثقافة الإنسانية اشكالاً رمزية ، وتحيل هذه الأشكال إلى رغبة الوعي الإنساني في التعبير عن الحقيقة والواقع باكثر من شكل واحد( ) ؛ وذلك لكون الدلالة الرمزية متشظية الأبعاد متحركة ومتنقلة ومتنوعة لا تقف عند حدود المشابهة ولا تعتمد مبدأ التناظر والتماثل بل هي إشارات منتزعة من الصور المتخيلة في نظام لغوي يدفع بالمتلقي لإعادة خلق ترابط فكري محتدم بغية القبض على أبعاده الدلالية والإيحائية( ) ، وإذا كان الرمز أداة للتعبير عن الدلالة الخفية ، فهذا يعني اتفاقاً في مفهومه يطابق إلى حد ما مفهومه في النقد العربي القديم . فالرمز كما يذهب ابن وهب الكاتب ( ت272هـ ) : ” هو ما أُخفيَ من الكلام ، واصله الصوت الخفي ، وإنما استعمله المتكلم في كلامه فيما يريد طيه عن كافة الناس والإفضاء به إلى بعضهم “( ) ، فثمة مسافة دلالية مسكوت عنها لا يمكن الكشف عنها الا بعد إعمال الذهن بغية الوصول إلى البنية العميقة التي يسجلها النسيج اللغوي في النص ، بوصفه مجموعة من الصور المتناقلة يطغى فيها المجاز على الحقيقة والتلميح على التصريح ، والمعاني الرمزية فيها صور تباين الحقيقة ، ولكنها قد تعكس شيئا من ظلالها ، فالمعاني الرمزية اشباح أشياء محسوسة تستعصي على التعبير الصريح( ).
ويعد الرمز نهاية التطور الذي تطمح الصورة دائما للوصول إليه ، كما يرى بعضهم وهو لديهم تمثيل موضوع صوري وتكثيف انفعالات عميقة وارتباطات وجدانية معقدة ، بوصفه موصوعاً قادرا على حملها ومعبرا عنها بطريقة الإيحاء التي تبتعد عن ذكر أي من تلك العناصر والارتباطات( ).
وعلى هذا فان الكشف عن الرمز الشعري هو سبر لأغوار القصيدة ، والكشف عن عوالمها الباطنة ، فالقصيدة الرمزية منجم ثري ، ومعنى مكتنز يرتبط ثراؤها بالرمز أولا وينتقل إلى القاريء عبر كيانه الكلي بعد مراعاة الموقف والانطباع( ) ؛ لذا سيتجه بحثنا إلى استكناه الأبعاد التشكيلية والدلالية للرموز الشعرية في ( قصيدة بابل ) وإضاءة مرجعيتها المعرفية بهدف تحقيق التواصل بين المرسل والمتلقي ، ولا سيما ان القصيدة تضج بالعديد من الرموز الشعرية في لحمة النص وسداه لتشكيل بنية فضائه الشعري .
Just a ground with some bench
هي مكان ترفيه بسيط
هو المتنفس الوحيد والامين لعوائل الخالص
مكان جميل للعائلة
A park. It is just a park
استثمار لسرقة المال العام
زفت و ماكو اي نظافة او ادامة
لانه العراق كله جميل
لانه مكان آمن وجميل وفيه اشجار وغيرها